الكعبة المشرفة

https://servimg.com/view/11522023/19يرجع تاريخ بناء البيت الحرام إلى دعوة سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام استجابة لأمر الله تعالى، وكان بناء إبراهيم للبيت بناء متواضعا حيث كان إسماعيل يأتي بالأحجار وإبراهيم عليه السلام يبني، حتى ارتفع البناء فجاء إسماعيل بحجر فوضعه لإبراهيم فوقف عليه وهو يبني وسمي هذا الحجر فيما بعد بمقام إبراهيم، وقد جعل إبراهيم ارتفاع البيت تسعة أذرع، وطوله من الحجر الأسود إلى الركن الشامي اثنين وثلاثين ذراعا، وعرضه من قبل الميزاب من الركن الشامي إلى الركن الغربي اثنين وعشرين ذراعا، وطوله من الركن الغربي إلى الركن اليماني إحدى وثلاثين ذراعا، وعرضه من الركن اليماني إلى الحجر الأسود عشرين ذراعا، وجعل الباب لاحقا بالأرض غير مرتفع عنها، حتى جعل لها تبع الحميري بابا، وكان للبيت ركنان وهما اليمانيان. أما ما يلي الحجر فلم يجعل له أركانا بل جعله على شكل نصف دائري بما يشبه الحجر في حالته الحاضرة.
وظل البيت على حالته هذه حتى جاء أول مجدد له هو قصي بن كلاب من قريش بعد إبراهيم عليه السلام، فأعاد بناءه مرة ثانية، وكان سقفه من خشب الدوم وجريد النخل وزاد في مساحته بما يتناسب مع النمو السكاني للعرب آنذاك ليكون قادرا على استيعاب المزيد من الحجاج. وبقي البيت على ما أقامه قصي إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبيل البعثة النبوية حتى تهدم بسبب سيل جارف اجتاحه، فبادرت قريش إلى إعادته على ما كان عليه من قبل مع تعديلات طفيفة في بنائه اقتضتها الضرورة .
وبعد تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة ، فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام 8 هـجرية، ثم توجه إلى البيت الحرام وطاف حول الكعبة بعد أن كسر الأصنام التي تحيط بها، وظلت الكعبة على تلك الحال في عهد النبي وكذا في عهد الخليفة أبي بكر رضي الله عنه. وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه زاد عدد المسلمين فضاق المطاف بهم أثناء الحج فقام عمر بتوسعة المسجد، واشترى ما حوله من دور وهدمها ووسع المسجد وجعل له أسوارا وأبوابا وأناره بالمصابيح. وفى عهد الخليفة عثمان بن عفان جعل للمسجد أروقة مسقوفة عام 26هـ / 647 م. وفي عام 66هـ / 686 م. قام بتجديد بناء الكعبة عبد الله بن الزبير الذي وسع مساحة المسجد الحرام وجدده.
وفى العصر الأموي تم رفع جدران المسجد وسقفه في عهد عبد الملك بن مروان، وفى عهد الوليد بن عبد الملك كسي المسجد بالرخام من الداخل، وسقف بالساج المزخرف كما جعلت للمسجد شرفات، وفى العصر العباسي أضيفت مساحة واسعة للمسجد في عهد الخليفة المقتدر بالله، وأقيم رواق دائري حوله وزين بالزخارف والنقوش الإسلامية، وفى عصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك لم يشهد المسجد أية توسعة واقتصر العمل فيه على الترميم والإصلاح، أما في العصر العثماني فقد نال المسجد الحرام عناية كبيرة، وكانت أول عمارة أجريت له في العصر العثماني عام 979هـ / 1572 م. في عهد السلطان سليم الثاني، وظلت عمارة الدولة العثمانية تتوالى على المسجد بعد ذلك.
وفى العصر الحديث حدث فيها تجديد وتوسيع أكثر من مرة حتى أصبحت مساحته الآن شاملة السطح والساحات الخارجية (261) ألف متر مربع، تسع (730) ألف مصل تقريبا، وقد تصل إلى مليون مصل في مواسم الحج والعمرة.